مفهوم الفكر الاسلامي
حبايبنا :: histoir :: article :: مقالات فكرية وادبية وفلسفية
صفحة 1 من اصل 1
مفهوم الفكر الاسلامي
توطئة : في ضرورة تحديد المفاهيم
تحاول هذه الورقة توضيح مدى أهمية تحديد المصطلحات والمفاهيم والألفاظ في زيادة الفهم والوضوح من جهة، وتحسين سبل التواصل المعرفي بين المتخاطبين من جهة أخرى، إذ من أهم مقدمات هذا التواصل فهم المصطلحات والمفاهيم، لكونها مفاتيح العلوم والمعارف والأفكار، خاصة إذا استحضرنا كون المفهوم هو المعنى الذي يحمل إلى الذهن بواسطة مصطلح معين، مما يجعله، من ثم، خزانا لمجموعة من المقولات الأساسية التي توظفها النظرية في خطابها العام والخاص، مع العلم أن الضرورة تقتضي فهم هذه المسألة من زاوية النظر إلى علاقة المفهوم، أو المصطلح، بالواقع والمحيط.
وتزداد أهمية تحديد المفاهيم والمصطلحات كلما تنبهت الأمة إلى ضرورة تحديد الأرضية الثقافية والفكرية التي ينبغي الوقوف عليها، وهي تحاول قدر الإمكان استئناف النظر في مداخل النهضة والتقدم، بنقد كل ما من شأنه تعطيل هذا النظر، وكذا النهوض المعاق، بفعل عدة عوامل، لعل من أبرزها : عدم توفر الأمة على موجبات التكوين العلمي والمعرفي المطلوب، خاصة إذا نظرنا إلى القضية المطروحة في علاقاتها بعدة مشكلات، تتقدمها مشكلة المثاقفة المفاهيمية والاصطلاحية التي برزت بشكل واضح وملح مع بروز الكتابات ذات الطبيعة التغريبية، التي لا ترى المخرج من هذه الوضعية المأساوية للأمة إلا من باب استعارة واقتراض ما عند الآخر من مفاهيم ومصطلحات ومناهج ونظريات، في إطار نقل التجربة العامة الدافعة إلى تحقيق ما يظنون أنه سيتحقق وهو "عصر التنوير العربي" قياسا على "عصر التنوير الأوربي"، متناسين قاعدة أساسية في هذا الباب، وهي "أنه لاقياس مع وجود الفارق"، وما أكثر الفوارق بيننا وبين الآخر.
ولعل من أبرز المصطلحات والمفاهيم التي نرى ضرورة إعادة تصحيح الأفهام بخصوصها، مفهوم "الفكر الاسلامي"، لما حمل من تأويلات وتفسيرات، خرجت ه من إطاره الصحيح، فضيق مجاله عند البعض، واستغل عند البعض الآخر، فكان حريا بنا أن نعيد تقديمه للقارئ، باحثا كان أو متخصصا أو متتبعا، إسهاما منا في تصحيح المفاهيم والمصطلحات، حتى تصح رؤيتنا ونظرتنا، بل وتكون على قدر مهم من القدرة على تحديد مقومات استشراف المستقبل.
I- تعريف الفكر
قبل الحديث عن مفهوم الفكر الإسلامي، نرى ضرورة تحديد مفهوم الفكر في اللغة والمعاجم القديمة والحديثة، ثم ننظر إليه من خلال وضعه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
1- الفكر في اللغة
* عرف ابن منظور في لسان العرب الفكر بقوله : الفكر، والفكر : أعمال الخاطر في الشيء (…) والتفكر اسم التفكير، ومنهم من قال فكري. وقال الجوهري : التفكر: التأمل[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn1][1][/url].
* وعرفه الفيروز آبادي بقوله : الفكر، بالكسر ويفتح، أعمال انظر في الشيء كالفكرة[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn2][2][/url].
2- الفكر في المعاجم الحديثة والمعاصرة
* يقول جميل صليبا : "وجملة القول أن الفكر يطلق على الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أو يطلق على المعقولات نفسها، فإذا اطلق على فعل النفس دل على حركتها الذاتية، وهي النظر والتأمل، وإذا اطلق على المعقولات دل على المفهوم الذي تفكر فيه النفس"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn3][3][/url].
* وعرفه صاحب (المعجم الوسيط) بقوله : "الفكر إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة المجهول ]و[ الفكرة : الصورة الذهنية لأمر ما"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn4][4][/url].
* أما صاحب الموسوعة الفلسفية فقد ذكر عدة تعريفات منها : الفكر ]هو[ النتاج الأعلى للدماغ كمادة ذات تنظيم عضوي خاص، وهو العملية الايجابية التي بواسطتها ينعكس العالم الموضوعي في مفاهيم وأحكام ونظريات (…) هو الشرط الجوهري لأي نشاط آخر، طالما أن هذا النشاط هو نتيجته المجملة والمتمثلة، والكلام هو صورة الفكر"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn5][5][/url].
3- الفكر في القرآن الكريم
لقد وردت مشتقات الفكر في القرآن الكريم في عدة مواضع[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn6][6][/url]، بصيغة الفعل، ولكثرثها نذكر منها قوله تعالى :
أ- (وسحر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn7][7][/url]).
ب- (إنه فكر و[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn8][8][/url]).
ج- (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn9][9][/url]).
4- الفكر في الحديث النبوي الشريف
وردت الكلمة في عدة مواضع، وفيما يلي بعض الأمثلة :
أ- وردت الكلمة في صحيح البخاري في أربع مواضع، واحدة بلفظ البخاري، والباقي بلفظ القرآن الكريم، منها الباب الذي افرده البخاري لما تحت كتاب الصلاة : "باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة".
ب- وردت الكلمة في صحيح مسلم في موضعين، واحد منهما بلفظ مسلم في باب فضل دوام الذكر والفكر في امور الآخرة والمراقبة، والثاني في كتاب الزهد والرقائق.
5- الفكر عند بعض العلماء والمفكرين قديما وحديثا
نظرا لطبيعة المعرفة في البيئة الاسلامية الاولى، ودخول العلماء والمفكرين ميدان استنباط العلوم والمناهج والادلة، وبروز اشكالات من قبيل ما هو كلامي أو فلسفي في الثقافة المعرفية الاسلامية، كان لهذا المفهوم حضورا في مجموع السجلات والتأليفات، وإن لم يكن في كثير من الأحيان بصيغة الفكر، وإنما جاء في كثير من المرات بصيغة العقل والتأمل والتدبر والنظر. وفما يلي بعض التعريفات المعطاة لهذا المفهوم :
أ- يقول أبو حامد الغزالي : "اعلم أن معنى الفكر هو احضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn10][10][/url]. وقد جعل الفكر مرادفا للتأمل والتدبر.
ب- وبالنسبة لإمام الحرمين الجويني، يدل الفكر على النظر، يقول : "والنظر في اصطلاح الموحدين هوالفكر الذي يطلب به من قام به علما أو غلبة ظن ؛ ثم ينقسم النظر إلى قسمين : إلى الصحيح وإلى الفاسد"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn11][11][/url].
ج- ويعرفه التهانوي بقوله : "ولا شك أن النفس تلاحظ المعقولات في ضمن تلك الحركة، فقيل : الفكر هو تلك الحركة والنظر هو الملاحظة التي في ضمنها، وقيل لتلازمهما أن الفكر والنظر مترادفان"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn12][12][/url].
د- وعرفه عبد الرحمان الزنيدي : "والفكر في المصطلح الفكري –والفلسفي خاصة- هو الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أي النظر والتأمل والتدبر والاستنباط والحكم، ونحو ذلك. وهو كذلك المعقولات نفسها، أي الموضوعات التي انتجها العقل البشري"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn13][13][/url].
هـ- وعرفه طه جابر العلواني بقوله : "الفكر اسم لعملية تردد القوى العاقلة المفكرة في الانسان، سواء أكان قلبا أو روحا أو ذهنا بالنظر والتدبر، لطلب المعاني المجهولة من الأمور المعلومة، أو الوصول إلى الأحكام أو النسب بين الأشياء"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn14][14][/url].
6- المستفاد من التعريفات والتحديدات السابقة
بالنظر في مجموع ما تم تقديمه من أمثلة، وغير ذلك مما تركناه تفاديا للتطويل، يستفاد ما يلي:
أ- الفكر بمعنى إعمال النظر والتأمل في مجموعة من المعرف بهدف الوصول إلى تحقيق معرفة جديدة.
ب- الفكر بمعنى الثمرة التي تنتج عن عملية التفكير.
ج- إن التفكر عملية عقلية تستخدم فيها كل الوسائل المساعدة للوصول إلى حقيقة الدنيا والآخرة...
د- الفكر مرادف للنظر، وهو أعمال العقل في الأمور المختلفة للوصول إلى أمر جديد.
هـ- التفكير تمرثه التذكير.
II- تعريف الفكر الإسلامي
يعتبر المحدد (الإسلامي) هنا الضابط الاساسي الذي، بناء عليه، يتحدد معنى مفهوم الفكر الإسلامي ؛ إذ الإسلامية هي الإطار الذي به وعليه وحوله تدور مجموع تأملات ونظرات المفكرين المنتمين إلى المذهبية الإسلامية ؛ خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هوية الفكر، أي فكر، وخصوصيته، لا يتم التوصل إليها إلا من خلال النظر في العلاقة المتينة الموجودة بين هذا الفكر والمرجعية التي ينتمي إليها، والتي تمنحه الرؤية وتحدد له نوع المنهج، بل وحتى الأهداف.
واسهاما في تقريب مفهوم الفكر الإسلامي وتصحيح الرؤية المغلوطة التي شاعت حوله، نقول مع مجموعة من الباحثين على أن الفكر الإسلامي هو :
أ- كل ما أنتجه فكر المسلمين منذ مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، في المعرف الكونية العامة المتصلة بالله سبحانه وتعالى والعالم والإنسان. وهو كذلك ما أفرزه فكر المسلمين في ظل الإسلام من أفكار اجتهادية بشرية من الفلسفة والكلام والفقه وأصوله والتصوف والعلوم الإنسانية الأخرى. وبهذا فإن كل فكر بشري نتج عن فكر مستقل، ولم ينطلق من مفاهيم الإسلام الثابتة، القاطعة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لا يمكن وصفه بأنه فكر إسلامي ؛ لأن قولنا "فكر إسلامي" يعني وصفنا إياه بصفة الإسلامي، وليس من المنطق السليم أن يحسب فكر ما على الإسلام، وهو ليس بإسلامي، بل نصفه بأنه فكر عام لم ينطلق من الإسلام، وإنما انطلق من أديان وعقائد ومناهج أخرى، تقترب من الإسلام حينا، وتبتعد عنه أحيانا أخرى[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn15][15][/url].
ب- انه نتاج التأمل العقلي عن نظرة الإسلام العامة للوجود، والمتوافق مع قيم الإسلام ومعاييره ومقاصده. فقولنا "نتاج" يبين أن المقصود هو حصيلة التفكير ، وقولنا "التأمل العقلي"يشير إلى أنه اجتهاد بشري قابل للخطأ والصواب، وقولنا "المنبثق عن نظرة الإسلام العامة إلى الوجود"، يفيد أنه لابد أن يكون مرتكنا إلى كليات الإسلام الأساسية وصادر عنها، وقولنا المتوافق مع قيم الإسلام ومعاييره ومقاصده احتراز في موضعه لتصحيح ما يمكن أن يقع من خط في التأمل العقلي، فحيثما لا يتوافق نتاج التأمل مع قيم الإسلام، فهذا آية خطئه، ذلك أن الإسلام منظومة متكاملة متناغمة منسجمة، فأي نشاز يأتي به التأمل العقلي، يحتاج إلى إعادة نظر وتقويم وكذلك، لابد من التزام المعايير الإسلامية في فهم النصوص بمراعاة أصول الاستنباط، طبقا لقواعد العربية ومنطق الشريعة "أصول الفقه، وأصول التأويل" ؛ وذلك لابد من استحضار المقاصد العامة في الشريعة، التي تحول دون الفهم الحرفي للنصوص، والذي ربما يخالف مقاصد الشريعة الأساسية[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn16][16][/url].
وإذا ما حاولنا تقديم تعريف نسهم به في ترسيخ المفهوم الصحيح للفكر الإسلامي، فإننا نقول على أن الفكر الإسلامي من المفاهيم الحديثة التي راج استعمالها في الأدبيات المشكلة للخطاب العربي والإسلامي المعاصر، وهو بذلك مجموع الموضوعات التي تخاطب العقل البشري، والتي تدفعه إلى إعمال النظر والتأمل والنظر والتفكر والاستنتاج والبحث، فيما يتعلق بعلوم الشريعة وقضايا العقيدة والقيم والاتجاهات الحضارية والاجتماعية، وبقضايا العلوم التجريبية، وغيرها، كل ذلك من وجهة نظر إسلامية مؤسسة على خليفة عقدية ثابتة : القرآن الكريم والسنة النبوية. وبذلك نتجاوز، قطعا، التعريفات التجزيئية التي تقتصر، في تحديدها لمجالات الفكر الاسلامي، على علم الكلام والفلسفة والتصرف، أو التعريفات التي تجعل النص الشرعي جزء من مادة الفكر الاسلامي.
فالفكر الاسلامي يضم كل ما أنتجه العقل الاسلامي في كل المجالات وبخصوص كل الإشكاليات والقضايا المرتبطة بالوجود والطبيعة والعلاقات والحياة…، ولكن من وجهة إسلامية، أي خاضعة للمنهجية الإسلامية التي حددتها الشريعة الإسلامية ابتداء ؛ وبذلك يتم إخراج كل الفلسفات والأفكار والمفهوم التي تعتمد خلفية عقدية أو فلسفية غير إسلامية[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn17][17][/url].
تحاول هذه الورقة توضيح مدى أهمية تحديد المصطلحات والمفاهيم والألفاظ في زيادة الفهم والوضوح من جهة، وتحسين سبل التواصل المعرفي بين المتخاطبين من جهة أخرى، إذ من أهم مقدمات هذا التواصل فهم المصطلحات والمفاهيم، لكونها مفاتيح العلوم والمعارف والأفكار، خاصة إذا استحضرنا كون المفهوم هو المعنى الذي يحمل إلى الذهن بواسطة مصطلح معين، مما يجعله، من ثم، خزانا لمجموعة من المقولات الأساسية التي توظفها النظرية في خطابها العام والخاص، مع العلم أن الضرورة تقتضي فهم هذه المسألة من زاوية النظر إلى علاقة المفهوم، أو المصطلح، بالواقع والمحيط.
وتزداد أهمية تحديد المفاهيم والمصطلحات كلما تنبهت الأمة إلى ضرورة تحديد الأرضية الثقافية والفكرية التي ينبغي الوقوف عليها، وهي تحاول قدر الإمكان استئناف النظر في مداخل النهضة والتقدم، بنقد كل ما من شأنه تعطيل هذا النظر، وكذا النهوض المعاق، بفعل عدة عوامل، لعل من أبرزها : عدم توفر الأمة على موجبات التكوين العلمي والمعرفي المطلوب، خاصة إذا نظرنا إلى القضية المطروحة في علاقاتها بعدة مشكلات، تتقدمها مشكلة المثاقفة المفاهيمية والاصطلاحية التي برزت بشكل واضح وملح مع بروز الكتابات ذات الطبيعة التغريبية، التي لا ترى المخرج من هذه الوضعية المأساوية للأمة إلا من باب استعارة واقتراض ما عند الآخر من مفاهيم ومصطلحات ومناهج ونظريات، في إطار نقل التجربة العامة الدافعة إلى تحقيق ما يظنون أنه سيتحقق وهو "عصر التنوير العربي" قياسا على "عصر التنوير الأوربي"، متناسين قاعدة أساسية في هذا الباب، وهي "أنه لاقياس مع وجود الفارق"، وما أكثر الفوارق بيننا وبين الآخر.
ولعل من أبرز المصطلحات والمفاهيم التي نرى ضرورة إعادة تصحيح الأفهام بخصوصها، مفهوم "الفكر الاسلامي"، لما حمل من تأويلات وتفسيرات، خرجت ه من إطاره الصحيح، فضيق مجاله عند البعض، واستغل عند البعض الآخر، فكان حريا بنا أن نعيد تقديمه للقارئ، باحثا كان أو متخصصا أو متتبعا، إسهاما منا في تصحيح المفاهيم والمصطلحات، حتى تصح رؤيتنا ونظرتنا، بل وتكون على قدر مهم من القدرة على تحديد مقومات استشراف المستقبل.
I- تعريف الفكر
قبل الحديث عن مفهوم الفكر الإسلامي، نرى ضرورة تحديد مفهوم الفكر في اللغة والمعاجم القديمة والحديثة، ثم ننظر إليه من خلال وضعه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
1- الفكر في اللغة
* عرف ابن منظور في لسان العرب الفكر بقوله : الفكر، والفكر : أعمال الخاطر في الشيء (…) والتفكر اسم التفكير، ومنهم من قال فكري. وقال الجوهري : التفكر: التأمل[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn1][1][/url].
* وعرفه الفيروز آبادي بقوله : الفكر، بالكسر ويفتح، أعمال انظر في الشيء كالفكرة[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn2][2][/url].
2- الفكر في المعاجم الحديثة والمعاصرة
* يقول جميل صليبا : "وجملة القول أن الفكر يطلق على الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أو يطلق على المعقولات نفسها، فإذا اطلق على فعل النفس دل على حركتها الذاتية، وهي النظر والتأمل، وإذا اطلق على المعقولات دل على المفهوم الذي تفكر فيه النفس"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn3][3][/url].
* وعرفه صاحب (المعجم الوسيط) بقوله : "الفكر إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة المجهول ]و[ الفكرة : الصورة الذهنية لأمر ما"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn4][4][/url].
* أما صاحب الموسوعة الفلسفية فقد ذكر عدة تعريفات منها : الفكر ]هو[ النتاج الأعلى للدماغ كمادة ذات تنظيم عضوي خاص، وهو العملية الايجابية التي بواسطتها ينعكس العالم الموضوعي في مفاهيم وأحكام ونظريات (…) هو الشرط الجوهري لأي نشاط آخر، طالما أن هذا النشاط هو نتيجته المجملة والمتمثلة، والكلام هو صورة الفكر"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn5][5][/url].
3- الفكر في القرآن الكريم
لقد وردت مشتقات الفكر في القرآن الكريم في عدة مواضع[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn6][6][/url]، بصيغة الفعل، ولكثرثها نذكر منها قوله تعالى :
أ- (وسحر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn7][7][/url]).
ب- (إنه فكر و[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn8][8][/url]).
ج- (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn9][9][/url]).
4- الفكر في الحديث النبوي الشريف
وردت الكلمة في عدة مواضع، وفيما يلي بعض الأمثلة :
أ- وردت الكلمة في صحيح البخاري في أربع مواضع، واحدة بلفظ البخاري، والباقي بلفظ القرآن الكريم، منها الباب الذي افرده البخاري لما تحت كتاب الصلاة : "باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة".
ب- وردت الكلمة في صحيح مسلم في موضعين، واحد منهما بلفظ مسلم في باب فضل دوام الذكر والفكر في امور الآخرة والمراقبة، والثاني في كتاب الزهد والرقائق.
5- الفكر عند بعض العلماء والمفكرين قديما وحديثا
نظرا لطبيعة المعرفة في البيئة الاسلامية الاولى، ودخول العلماء والمفكرين ميدان استنباط العلوم والمناهج والادلة، وبروز اشكالات من قبيل ما هو كلامي أو فلسفي في الثقافة المعرفية الاسلامية، كان لهذا المفهوم حضورا في مجموع السجلات والتأليفات، وإن لم يكن في كثير من الأحيان بصيغة الفكر، وإنما جاء في كثير من المرات بصيغة العقل والتأمل والتدبر والنظر. وفما يلي بعض التعريفات المعطاة لهذا المفهوم :
أ- يقول أبو حامد الغزالي : "اعلم أن معنى الفكر هو احضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn10][10][/url]. وقد جعل الفكر مرادفا للتأمل والتدبر.
ب- وبالنسبة لإمام الحرمين الجويني، يدل الفكر على النظر، يقول : "والنظر في اصطلاح الموحدين هوالفكر الذي يطلب به من قام به علما أو غلبة ظن ؛ ثم ينقسم النظر إلى قسمين : إلى الصحيح وإلى الفاسد"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn11][11][/url].
ج- ويعرفه التهانوي بقوله : "ولا شك أن النفس تلاحظ المعقولات في ضمن تلك الحركة، فقيل : الفكر هو تلك الحركة والنظر هو الملاحظة التي في ضمنها، وقيل لتلازمهما أن الفكر والنظر مترادفان"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn12][12][/url].
د- وعرفه عبد الرحمان الزنيدي : "والفكر في المصطلح الفكري –والفلسفي خاصة- هو الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أي النظر والتأمل والتدبر والاستنباط والحكم، ونحو ذلك. وهو كذلك المعقولات نفسها، أي الموضوعات التي انتجها العقل البشري"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn13][13][/url].
هـ- وعرفه طه جابر العلواني بقوله : "الفكر اسم لعملية تردد القوى العاقلة المفكرة في الانسان، سواء أكان قلبا أو روحا أو ذهنا بالنظر والتدبر، لطلب المعاني المجهولة من الأمور المعلومة، أو الوصول إلى الأحكام أو النسب بين الأشياء"[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn14][14][/url].
6- المستفاد من التعريفات والتحديدات السابقة
بالنظر في مجموع ما تم تقديمه من أمثلة، وغير ذلك مما تركناه تفاديا للتطويل، يستفاد ما يلي:
أ- الفكر بمعنى إعمال النظر والتأمل في مجموعة من المعرف بهدف الوصول إلى تحقيق معرفة جديدة.
ب- الفكر بمعنى الثمرة التي تنتج عن عملية التفكير.
ج- إن التفكر عملية عقلية تستخدم فيها كل الوسائل المساعدة للوصول إلى حقيقة الدنيا والآخرة...
د- الفكر مرادف للنظر، وهو أعمال العقل في الأمور المختلفة للوصول إلى أمر جديد.
هـ- التفكير تمرثه التذكير.
II- تعريف الفكر الإسلامي
يعتبر المحدد (الإسلامي) هنا الضابط الاساسي الذي، بناء عليه، يتحدد معنى مفهوم الفكر الإسلامي ؛ إذ الإسلامية هي الإطار الذي به وعليه وحوله تدور مجموع تأملات ونظرات المفكرين المنتمين إلى المذهبية الإسلامية ؛ خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هوية الفكر، أي فكر، وخصوصيته، لا يتم التوصل إليها إلا من خلال النظر في العلاقة المتينة الموجودة بين هذا الفكر والمرجعية التي ينتمي إليها، والتي تمنحه الرؤية وتحدد له نوع المنهج، بل وحتى الأهداف.
واسهاما في تقريب مفهوم الفكر الإسلامي وتصحيح الرؤية المغلوطة التي شاعت حوله، نقول مع مجموعة من الباحثين على أن الفكر الإسلامي هو :
أ- كل ما أنتجه فكر المسلمين منذ مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، في المعرف الكونية العامة المتصلة بالله سبحانه وتعالى والعالم والإنسان. وهو كذلك ما أفرزه فكر المسلمين في ظل الإسلام من أفكار اجتهادية بشرية من الفلسفة والكلام والفقه وأصوله والتصوف والعلوم الإنسانية الأخرى. وبهذا فإن كل فكر بشري نتج عن فكر مستقل، ولم ينطلق من مفاهيم الإسلام الثابتة، القاطعة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لا يمكن وصفه بأنه فكر إسلامي ؛ لأن قولنا "فكر إسلامي" يعني وصفنا إياه بصفة الإسلامي، وليس من المنطق السليم أن يحسب فكر ما على الإسلام، وهو ليس بإسلامي، بل نصفه بأنه فكر عام لم ينطلق من الإسلام، وإنما انطلق من أديان وعقائد ومناهج أخرى، تقترب من الإسلام حينا، وتبتعد عنه أحيانا أخرى[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn15][15][/url].
ب- انه نتاج التأمل العقلي عن نظرة الإسلام العامة للوجود، والمتوافق مع قيم الإسلام ومعاييره ومقاصده. فقولنا "نتاج" يبين أن المقصود هو حصيلة التفكير ، وقولنا "التأمل العقلي"يشير إلى أنه اجتهاد بشري قابل للخطأ والصواب، وقولنا "المنبثق عن نظرة الإسلام العامة إلى الوجود"، يفيد أنه لابد أن يكون مرتكنا إلى كليات الإسلام الأساسية وصادر عنها، وقولنا المتوافق مع قيم الإسلام ومعاييره ومقاصده احتراز في موضعه لتصحيح ما يمكن أن يقع من خط في التأمل العقلي، فحيثما لا يتوافق نتاج التأمل مع قيم الإسلام، فهذا آية خطئه، ذلك أن الإسلام منظومة متكاملة متناغمة منسجمة، فأي نشاز يأتي به التأمل العقلي، يحتاج إلى إعادة نظر وتقويم وكذلك، لابد من التزام المعايير الإسلامية في فهم النصوص بمراعاة أصول الاستنباط، طبقا لقواعد العربية ومنطق الشريعة "أصول الفقه، وأصول التأويل" ؛ وذلك لابد من استحضار المقاصد العامة في الشريعة، التي تحول دون الفهم الحرفي للنصوص، والذي ربما يخالف مقاصد الشريعة الأساسية[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn16][16][/url].
وإذا ما حاولنا تقديم تعريف نسهم به في ترسيخ المفهوم الصحيح للفكر الإسلامي، فإننا نقول على أن الفكر الإسلامي من المفاهيم الحديثة التي راج استعمالها في الأدبيات المشكلة للخطاب العربي والإسلامي المعاصر، وهو بذلك مجموع الموضوعات التي تخاطب العقل البشري، والتي تدفعه إلى إعمال النظر والتأمل والنظر والتفكر والاستنتاج والبحث، فيما يتعلق بعلوم الشريعة وقضايا العقيدة والقيم والاتجاهات الحضارية والاجتماعية، وبقضايا العلوم التجريبية، وغيرها، كل ذلك من وجهة نظر إسلامية مؤسسة على خليفة عقدية ثابتة : القرآن الكريم والسنة النبوية. وبذلك نتجاوز، قطعا، التعريفات التجزيئية التي تقتصر، في تحديدها لمجالات الفكر الاسلامي، على علم الكلام والفلسفة والتصرف، أو التعريفات التي تجعل النص الشرعي جزء من مادة الفكر الاسلامي.
فالفكر الاسلامي يضم كل ما أنتجه العقل الاسلامي في كل المجالات وبخصوص كل الإشكاليات والقضايا المرتبطة بالوجود والطبيعة والعلاقات والحياة…، ولكن من وجهة إسلامية، أي خاضعة للمنهجية الإسلامية التي حددتها الشريعة الإسلامية ابتداء ؛ وبذلك يتم إخراج كل الفلسفات والأفكار والمفهوم التي تعتمد خلفية عقدية أو فلسفية غير إسلامية[url=http://www.malware-site.www/blogs/home/posts.aspx?b=0wB94jxLMp0=&a=Pw95 heavLfSO1WLIXdJEcHc9O njCyqeikMj8o6FzcnTVNdWJ87U56LZNoQPaig&action=new&lang=a#_ftn17][17][/url].
رد: مفهوم الفكر الاسلامي
المسألة الثقافية
الثلاثاء, 09 محرم, 1427
في ظل التحديات التي يعيشها على العالم الإسلامي في المرحلة الراهنة, خصوصا بعد دخولنا إلى زمن الألفية الميلادية الثالثة, قرن الإنسان المعلوماتي والثقافة الرقمية الدقيقة, يبدو الكلام عن الثقافة الإسلامية من موجبات هذه المرحلة دفعا بالفكر الإسلامي في اتجاه التفكير الجدي والمتواصل بالمستقبل الإسلامي, ومن ثم تداول النظر والرأي بخصوص مجموعة من الملفات الساخنة التي تختزل التحديات والمتاعب التي يواجهها المسلمون منجراء التركيبة الحضارية الجديدة التي صاغت لبناتها بإحكام مراكز القرارات الاستراتيجية في الدول الغالبة والقوية في إطار النظام العالمي الجديد والعولمة. ولعل من أسخن الملفات التي ينبغي التصدي لها, وإشاعة التفكير فيها بكل مسؤولية، ملفين أساسيين: أولهما ملف الممانعة الثقافية، بالتفكير في سبل مواجهة كل أشكال الاختراق, خاصة والقرن الحالي هو قرن الاختراق الثقافي العابر للقارات, وثانيهما ملف الإبداع؛ إذ لا يعقل أن نتحدث عن الحفاظ على الهوية بدون الحديث عن إبداعية أصحاب هذه الهوية, وهو ما نعني به "الشراكة الحضارية" بدخول ميدان المنافسة التكنولوجية والاقتصادية، ولن يتأتى تحقيق هذا المطلب ما لم تتوفر الأمة على استقلالها السياسي التام، الذي سيخلص المفكرين والعلماء والباحثين، وأصحاب المشاريع النهضية، من عقدة الفصام الحاد الموجود بين التفكير السياسي والتفكير الثقافي، الفصام الذي لعبت القوى الاستعمارية دورها في ترسيخه والحفاظ عليه، بأشكال مختلفة، لكنها لم تنجح في مشروعها هذا، الذي عاد على الأمة بالتبعية والارتكان الحضاري، إلا بعدما خططت لإيجاد من يساندها بداخل مراكز القرارات، بل ويحمل عنها مشروع الاستتباع.
إن الكلام عن مستقبل الثقافة الاسلامية ليس إفرازا للمحنة الحضارية التي تعيشها الأمة الإسلامية في الوقت الراهن، والتي قاسى من أجلها الفكر الإسلامي معاناة قدرها قرنا بأكمله، ظل خلاله و لا يزال، يبحث عن سر التخلف والانحطاط من جهة، وعن سر الإعاقة التي أصابت كل مشروع نهوض من جهة أخرى. أقول، إن الكلام عن المستقبل الإسلامي هو في عمقه إحساس عميق بضرورة ا لوعي بأننا لا ينبغي أن نبقى خارج مسار التاريخ أكثر من اللازم، خاصة وأننا مجبرون على التقدم لسببين أساسيين، يتعلق أولهما بكوننا أمة الشهادة على الناس مصداقا لقوله جل جلاله {لتكونوا شهداء على الناس, ويكون الرسول عليكم شهيدا} (البقرة: 143)، ولن نكون كذلك ما لم نؤد وظيفة التبليغ والدعوة والبيان من جهة, وأن تكون الأمة الإسلامية شاهدة على العالمين بسلوكها ونموذجها في الارتقاء العمراني والحضاري (الأسوة الحسنة) من جهة أخرى. وأما ثانيهما فلامتلاكنا لقوة طبيعية بعضها لا يسخر إلا في الإجهاز على وحدة الأمة وإضعافها، ولتوفرنا على قوة بشرية لا بد من استثمارها باعتماد خطة التنمية البشرية المستقبلية، التي من أهم ما ينبغي أن تفكر فيه، الحد من هجرة الأدمغة, وتوفير المستوى التربوي والتعليمي المستقبلي، وتطوير متطلبات الإبداع والابتكار والعمل الجدي بداخل الأوطان الإسلامية, بل والدفاع المستميت عن المشاريع المستقبلية، التي تستهدفها المخططات الاستعمارية للإجهاز عليها أو على أصحابها.
إن المشاهد الحية في جسد هذه الأمة تشير إلى أن المسلمين، جغرافيا وشعوبا، هم اليوم في حال انتقال من تَكَوُّنٍ تاريخي وجغرافي إلى آخر يستدعي وجود حركة إسلامية متجددة تقود مرحلة التحول والانتقال في ضوء المتغيرات الذاتية والخارجية، حفاظا على الهوية بالأساس من زوبعة العولمة التي تضرب في العمق ثقافات ا لشعوب الأصيلة في محاولة من أصحابها لتوحيد كل الثقافات الكونية تحت مظلة الثقافة الأمريكية. وعليه يستدعي مسار الانتقال هذا، من تكون تاريخي وجغرافي إلى آخر، النظر إلى تاريخنا وواقعنا على حد سواء, لربط الأزمنة (الماضي والحاضر والمستقبل) بعضها ببعض لتظل للأمة الجذور التي تحميها من رياح الزوبعة، مع اعتقادنا الأكيد أن النظر إلى المستقبل لا يمكن أن يتم ما لم نحدد الأرضية التي نقف عليها في الحاضر انطلاقا من الماضي، وهي عكس الرؤية العلمانية التي لا تنظر إلى المستقبل إلا باعتماد القطيعة مع الماضي العربي الإسلامي.
ولعل من أشد ما يثير انتباهنا, ونحن نتابع الحركة الثقافية والعلمية في العالم، ما لحق هذا الأخير من تسارع جنوني وتحولات دقيقة من أنماط ثقافية إلى أخرى أكثر تعقيدا بفعل ما خولته الثورة المعلوماتية للإنسان من قدرات على اختزال الأزمنة والأمكنة والأبعاد على حد سواء إلى درجة تحولت معها شخصيتنا من حالة المتابعة والانبهار إلى مرحلة الأرق الحضاري من جراء المتاعب التي يتسبب فيها تداخل جهلنا وعجزنا من جهة، وقوة الثقافة الغالبة، الشيء الذي يولد في نفوسنا صدمات خطيرة تزيد من حدة الإعاقة والارتهان الحضاريين، نشعر خلالها بضرورتين متلازمتين: أولاهما مواكبة العصر والاستجابة لمتطلباته, والتفاعل مع التطور, والاستفادة من منجزات العقل العالمي الناهض بدعوى العمل على التقريب بين الزمان الذي يعيشه العالم وامتدادها من جهة أخرى الغربي وبين زماننا؛ وثانيهما الحفاظ على والذات والهوية من الذوبان والانصهار بفعل تلك الاستجابة. ولعل هذه المشكلة هي الأكثر تداولا بداخل الخطابات العربية والإسلامية المعاصرة, والتي من خلالها يمكن أن نحدد خريطة التصورات الإيديولوجية العاملة بداخل الجغرافية العربية والإسلامية على حد سواء، والتي باستمرار صراعها حول من له الأهلية في التخطيط لمشروع النهوض الثقافي العام سيظل المجتمع رهين تخلفه وانحطاطه، بالرغم من المظاهر المادية الزائفة التي يحاول الظهور بها، لأن الخلل إذا أصاب العقل فإنه لا حاجة بنا إلى الجسد مهما حاولنا تزيينه من الخارج.
كما أن لقيام هذه المعاهد والمؤسسات بتجميع جهود المهتمين دورا في إحداث كتلة ثقافية قوية تستطيع من خلالها ثقافة الغد أن تحقق اختراقها للمؤسسات السياسية، التي إن لم يتم جذبها والتأثير فيها، ستظل من أهم معوقات النهوض الحضاري لهذه الأمة؛ إذ تحتاج الثقافة العالمة المبدعة لشرط الحرية، لكي تنمو وتترعرع وتثمر، بل وتقاوم، لأنها مجندة بخلفية سياسية تستطيع من خلالها الوقوف في وجه المد الإمبريالي الخارجي.
إن المراقب والمتتبع لمسار وواقع الثقافة الإسلامية في المرحلة الراهنة بالذات، سيلاحظ، بلاشك أن نقصا كبيرا في الدراسات المستقبلية التي تكون في حجم التحديات والآمال معا؛ تحديات الحاضر الذي يتحرك بسرعة نحو المستقبل بفضل الثورة المعلوماتية، وآمال الخروج من بوثقة ما نحن فيه من متاعب وإخفاقات، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن من عادة الغرب أن يقدم رؤيته لكل ما هو حادث على ساحة العلاقات الدولية، بل ويعمل جاهدا على رسم الخريطة الشمولية لمستقبل هذه العلاقات بما يخدم مصالحه ووجوده وهويته. وبذلك نكون أمام نظام له الإرادة القوية والاستعداد المستمر للحفاظ على كيانه ومجاله الحيوي مهما كلفه ذلك من ثمن وتضحيات.
ولعل السؤال الذي تفرزه المتابعة لهذا الواقع، المحلي والدولي، هو : ما موقع الثقافة الاسلامية في خريطة الثقافة الكونية؟ وماذا يمكن لهذه الثقافة أن تقدم لأبناء الأمة، وهم يعيشون على وثيرة الرغبة في مواكبة العصر بكل مستجدا ته المادية والمعنوية من جهة، والخوف من النظام الذي يحكم هذا العصر من جهة أخرى، خاصة والذاكرة لازالت مثقلة بذكريات الاستعمار والاستيطان والاستغلال الذي تعرضت له الدول الإسلا مية، بهذا الشكل او ذاك، بل ولا تزال بعض الدول تعاني من ثورة المعلوميات وتحديات العولمة؟ وهل سنكتفي فقط بترديد شعار (المستقبل للإسلام) وأن الحضارة الغربية المصنوعة من الفكرة المادية ستزول في يوم من الأيام؟ أم أننا سنظل نحلم بالمستقبل دون أن نؤسس لقواعده الصلبة؛ سياسيا واقتصاديا وتربويا وتعلميا وثقافيا، بل وإيديولوجيا كذلك؟
إن السؤال الذي ينبغي التفكير فيه بكل مسؤولية وحزم هو ذاك المتعلق بالكيفية التي ستستفيد بها الثقافة الاسلامية من هذه الثورة العارمة للمعلوميات, كما من الثروة الطبيعية والبشرية لبناء مستقبل الأمة بالشكل المطلوب شرعا وتاريخا؛ ذلك أن سؤال الممانعة الثقافية لا نكتفي في تحديد حدوده برصد آليات المقاومة وتحصين الذات فقط، وإنما لا بد من تحديد الأولويات الضرورية لبناء ثقافة الإبداع والشراكة الحضارية؛ وهو ما يعني أن الزمن الحالي يحتم علينا أن نستغله للاشتغال بالقضايا الكبرى للأمة، قضايا الحرية والاستقلال والعدل والبناء الاقتصادي والاجتماعي التربوي؛ وهو ما يدعونا إلى إغلاق الكثير من الملفات التي لم تزد الطين إ لا بلة بفعل الصراعات الهامشية بين الدول المشكلة لخريطة العالم الاسلامي، ومن ثم الإسراع إلى وقف مسلسل الانقسامات التي لم يستفد منها إلا الغرب الليبرالي، هذا الأخير الذي لا بد من تحديد الموقف منه بكل صراحة وصرامة، خاصة فيما يتعلق بملف التطبيع مع السياسة الجديدة للنظام العالمي الجديد.
إن الذي ينبغي أن نضعه في الحسبان أننا أمة لها أصول وجذور وتاريخ وهوية, وأننا ينبغي الانطلاق من هذه الأصول في تحديد الكثير من خياراتنا وقراراتنا السياسية والإيديولوجية لا من خلال أصول الدول الغربية.
فبداخل القران الكريم والسنة النبوية الشريفة العديد من التوجيهات والتنبيهات القيمة التي بتخلينا عنها تخلى الله عنا مصداقا لقوله جل جلاله {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، أولئك هم الفاسقون}( الحشر: 19)، وقوله جل جلاله كذلك {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء، تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق}(الممتحنة: 1) وقوله كذلك : {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير}(البقرة:120).
في حاجتنا إلى وحدة مثقفينا واجتماعهم على كلمة سواء
لقد استطاعت السياسة الاستعمارية منذ زمن خروج جيوشها العسكرية والإدارية من البلدان العربية، إحداث إدارات محلية موالية لها ولسياساتها، خاوية الوفاض من القيم الدينية والعقدية، وبعيدة كل البعد عن الخطاب القرآني والشريعة الإسلامية، حتى يتم تغييب هذا الخطاب بداخل كل مشاريع التسيير السياسي والاقتصادي والتربوي والثقافي، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى تطبيع العلاقات مع أعداء الأمة، الذين لا تزال الثقافة الصليبية تحركهم بشكل لا تغمض لهم معه الجفون، ولا يتعبون من تسخير كل الطاقات المادية والمعنوية للنيل من هذه الأمة وإخضاعها وإذلالها ولو بافراد من أبنائها. إنها مأساة الثقافة الإسلامية في زمن الاستتباع الحضاري الشامل، التي لن تخرج من حالها الراهن ما لم تراهن على المستقبل، بالتخطيط له وإعداد القنوات المفضية إليه, وإلا ظل وضع الأمة، شعوبا وثقافة، كما هو عليه إلى إشعار آخر.
لابد من التأكيد هنا على دور الثقافة والمثقفين في الحياة العامة للأمة، إذ هم ضميرها الحي، الحاملون لتطلعاتها، والمنشغلون بهمومها الداخلية والخارجية؛ وبذلك يقع عليهم عبء الدفاع عن واقع الأمة وخصوصيتها وهويتها، والوقوف في وجه كل ما من شأنه تقويض دعائمها الحضارية، بدءاً بتشخيص الأخطار التي لا تخفى على أحد من المتتبعين للشؤون العامة، والتي أدت إلى حالة من التدهور والتراجعات. وعليه تكون الخطوة الأولى في بناء هذه الثقافة البانية المتحدية للأخطار والاختراقات، العمل على توحيد صفوف المثقفين، بالاتفاق، على الأقل، على القوا سم المشتركة التي بها تتصدى للمعوقات التي تحول دون قيام وتحقيق المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن من أهم ما ينبغي أن يعمل مثقفونا على تحقيقه، كمقدمة لإنجاح المشروع الحضاري، بناء الانسان المتكامل الذي يستطيع تحمل ثقل المشروع وصعوباته من أجل بناء (دولة الانسان) في نهاية المطاف، وإلا ستظل المشاريع النهضية مجرد ردود أفعال تطفو على السطح كلما تزعزع كيان الأمة من جراء التحولات التي تطرأ على المنظومة العالمية. إنه البناء، الذي يستطيع من خلاله الانسان التمييز بين الثقافة الاستهلاكية والثقافةا لإبداعية، مهما كانت الحالة الحضارية لبلاده.
في ضرورة فقه التنزيل في حياة المثقف الرسالي
وتجدر الإشارة هنا، ونحن نتحدث عن دور المثقف الإسلامي في صياغة الثقافة المقاومة للاختراق، والمبدعة لشروط العالمية، إلى أن من أهم الإشكالات التي ينبغي تصفية الحساب معها بشكل جذري، والتي تحول دون ممارسته للدور المنوط به, محليا وعالميا، أشكال النخبوية التي تتسبب في كثير من الأحيان في تزكية القطيعة بين المثقف والناس الذين يفترض في الأول أن يكون لسان حالهم. فلا بد للثقافة من الوصول إلى حياة الناس العاديين للتعبير عنها بالشكل الذي يحقق التواصل المطلوب بين القمة والقاعدة على المستوى الثقافي، وإلا فإن الخطاب الثقافي سيواجه مشكلة إيجاد الكتلة الشعبية التي ستسانده في تحقيق حضوره على الساحة الثقافية السياسية والتربوية.
يضاف إلى ما سبق أن من أهم العناصر الغائبة في هذه الثقافة، عنصر التكامل ما بين (فقه الواقع) و(فقه التنزيل). فلا يكفي أن يحمل المثقف المسلم مشروعا حضاريا تغييريا يستقي محاوره الكبرى من الأصول القرآنية والحديثية فقط, بل يحتاج إلى منهجية تنزيله على واقع الناس كذلك, وهذا هو الأساس الذي ينبغي التفكير فيه بكل جدية ومسؤولية، وهو ما يتطلب من العاملين في حقل الثقافة الإسلامية التي تنشد التغيير, العمل على امتلاك (فقه الأولويات) و(فقه الموازنة)، وما يدخل تحتهما من أفقاه لا نستطيع الاستغناء عنها في كل مرحلة من مراحل الهدم والبناء الثقافي. ولهذا نقول : إن المطلوب من مثقفينا، في المرحلة الراهنة، عدم الاكتفاء بالتشبت بالأصول والاقتصار على الأصالة لحماية الذات من هول الفاجعة التي تحل بالثقافات والأمم المستضعفة بفعل العولمة ولكن لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن مواجهة هذه الأخيرة،واستشراف المستقبل، يقتضي منا التشبت بعصرنا كذلك، وعدم التفريط في وجودنا ، بالتماس كل ما من شأنه الإسهام في فتح عيوننا على منجزاته وتحدياته.
إننا في الختام, وإن كنا نؤكد على تجدد الوعي الاسلامي في المرحلة الراهنة، وهو ما يشهد له مد الصحوة الإسلامية المباركة، نعود لنؤكد مرة أخرى أ ن المطلوب من هذا الوعي أن يكون في مستوى التحديات بدخوله المعترك الحضاري، إبداعا وإنتاجا، وأن يعمل مثقفونا على إعادة توحيد الصف الثقافي، لأنه الكفيل بتعزيز دور الثقافة الإسلامية في عملية التغيير.
الثلاثاء, 09 محرم, 1427
[color=#c71585]أثر الاستقلال السياسي في الإبداع الحضاري[color:c701=#c71585:c701]
في ظل التحديات التي يعيشها على العالم الإسلامي في المرحلة الراهنة, خصوصا بعد دخولنا إلى زمن الألفية الميلادية الثالثة, قرن الإنسان المعلوماتي والثقافة الرقمية الدقيقة, يبدو الكلام عن الثقافة الإسلامية من موجبات هذه المرحلة دفعا بالفكر الإسلامي في اتجاه التفكير الجدي والمتواصل بالمستقبل الإسلامي, ومن ثم تداول النظر والرأي بخصوص مجموعة من الملفات الساخنة التي تختزل التحديات والمتاعب التي يواجهها المسلمون منجراء التركيبة الحضارية الجديدة التي صاغت لبناتها بإحكام مراكز القرارات الاستراتيجية في الدول الغالبة والقوية في إطار النظام العالمي الجديد والعولمة. ولعل من أسخن الملفات التي ينبغي التصدي لها, وإشاعة التفكير فيها بكل مسؤولية، ملفين أساسيين: أولهما ملف الممانعة الثقافية، بالتفكير في سبل مواجهة كل أشكال الاختراق, خاصة والقرن الحالي هو قرن الاختراق الثقافي العابر للقارات, وثانيهما ملف الإبداع؛ إذ لا يعقل أن نتحدث عن الحفاظ على الهوية بدون الحديث عن إبداعية أصحاب هذه الهوية, وهو ما نعني به "الشراكة الحضارية" بدخول ميدان المنافسة التكنولوجية والاقتصادية، ولن يتأتى تحقيق هذا المطلب ما لم تتوفر الأمة على استقلالها السياسي التام، الذي سيخلص المفكرين والعلماء والباحثين، وأصحاب المشاريع النهضية، من عقدة الفصام الحاد الموجود بين التفكير السياسي والتفكير الثقافي، الفصام الذي لعبت القوى الاستعمارية دورها في ترسيخه والحفاظ عليه، بأشكال مختلفة، لكنها لم تنجح في مشروعها هذا، الذي عاد على الأمة بالتبعية والارتكان الحضاري، إلا بعدما خططت لإيجاد من يساندها بداخل مراكز القرارات، بل ويحمل عنها مشروع الاستتباع.
إن الكلام عن مستقبل الثقافة الاسلامية ليس إفرازا للمحنة الحضارية التي تعيشها الأمة الإسلامية في الوقت الراهن، والتي قاسى من أجلها الفكر الإسلامي معاناة قدرها قرنا بأكمله، ظل خلاله و لا يزال، يبحث عن سر التخلف والانحطاط من جهة، وعن سر الإعاقة التي أصابت كل مشروع نهوض من جهة أخرى. أقول، إن الكلام عن المستقبل الإسلامي هو في عمقه إحساس عميق بضرورة ا لوعي بأننا لا ينبغي أن نبقى خارج مسار التاريخ أكثر من اللازم، خاصة وأننا مجبرون على التقدم لسببين أساسيين، يتعلق أولهما بكوننا أمة الشهادة على الناس مصداقا لقوله جل جلاله {لتكونوا شهداء على الناس, ويكون الرسول عليكم شهيدا} (البقرة: 143)، ولن نكون كذلك ما لم نؤد وظيفة التبليغ والدعوة والبيان من جهة, وأن تكون الأمة الإسلامية شاهدة على العالمين بسلوكها ونموذجها في الارتقاء العمراني والحضاري (الأسوة الحسنة) من جهة أخرى. وأما ثانيهما فلامتلاكنا لقوة طبيعية بعضها لا يسخر إلا في الإجهاز على وحدة الأمة وإضعافها، ولتوفرنا على قوة بشرية لا بد من استثمارها باعتماد خطة التنمية البشرية المستقبلية، التي من أهم ما ينبغي أن تفكر فيه، الحد من هجرة الأدمغة, وتوفير المستوى التربوي والتعليمي المستقبلي، وتطوير متطلبات الإبداع والابتكار والعمل الجدي بداخل الأوطان الإسلامية, بل والدفاع المستميت عن المشاريع المستقبلية، التي تستهدفها المخططات الاستعمارية للإجهاز عليها أو على أصحابها.
في ضرورة تحديد أرضية المنطلق
إن المشاهد الحية في جسد هذه الأمة تشير إلى أن المسلمين، جغرافيا وشعوبا، هم اليوم في حال انتقال من تَكَوُّنٍ تاريخي وجغرافي إلى آخر يستدعي وجود حركة إسلامية متجددة تقود مرحلة التحول والانتقال في ضوء المتغيرات الذاتية والخارجية، حفاظا على الهوية بالأساس من زوبعة العولمة التي تضرب في العمق ثقافات ا لشعوب الأصيلة في محاولة من أصحابها لتوحيد كل الثقافات الكونية تحت مظلة الثقافة الأمريكية. وعليه يستدعي مسار الانتقال هذا، من تكون تاريخي وجغرافي إلى آخر، النظر إلى تاريخنا وواقعنا على حد سواء, لربط الأزمنة (الماضي والحاضر والمستقبل) بعضها ببعض لتظل للأمة الجذور التي تحميها من رياح الزوبعة، مع اعتقادنا الأكيد أن النظر إلى المستقبل لا يمكن أن يتم ما لم نحدد الأرضية التي نقف عليها في الحاضر انطلاقا من الماضي، وهي عكس الرؤية العلمانية التي لا تنظر إلى المستقبل إلا باعتماد القطيعة مع الماضي العربي الإسلامي.
ولعل من أشد ما يثير انتباهنا, ونحن نتابع الحركة الثقافية والعلمية في العالم، ما لحق هذا الأخير من تسارع جنوني وتحولات دقيقة من أنماط ثقافية إلى أخرى أكثر تعقيدا بفعل ما خولته الثورة المعلوماتية للإنسان من قدرات على اختزال الأزمنة والأمكنة والأبعاد على حد سواء إلى درجة تحولت معها شخصيتنا من حالة المتابعة والانبهار إلى مرحلة الأرق الحضاري من جراء المتاعب التي يتسبب فيها تداخل جهلنا وعجزنا من جهة، وقوة الثقافة الغالبة، الشيء الذي يولد في نفوسنا صدمات خطيرة تزيد من حدة الإعاقة والارتهان الحضاريين، نشعر خلالها بضرورتين متلازمتين: أولاهما مواكبة العصر والاستجابة لمتطلباته, والتفاعل مع التطور, والاستفادة من منجزات العقل العالمي الناهض بدعوى العمل على التقريب بين الزمان الذي يعيشه العالم وامتدادها من جهة أخرى الغربي وبين زماننا؛ وثانيهما الحفاظ على والذات والهوية من الذوبان والانصهار بفعل تلك الاستجابة. ولعل هذه المشكلة هي الأكثر تداولا بداخل الخطابات العربية والإسلامية المعاصرة, والتي من خلالها يمكن أن نحدد خريطة التصورات الإيديولوجية العاملة بداخل الجغرافية العربية والإسلامية على حد سواء، والتي باستمرار صراعها حول من له الأهلية في التخطيط لمشروع النهوض الثقافي العام سيظل المجتمع رهين تخلفه وانحطاطه، بالرغم من المظاهر المادية الزائفة التي يحاول الظهور بها، لأن الخلل إذا أصاب العقل فإنه لا حاجة بنا إلى الجسد مهما حاولنا تزيينه من الخارج.
الكتلة الثقافية الإسلامية ودورها في تقوية الثقافة العالمة
إن أمننا الثقافي لا يكون بمواجهة الأفراد, من خلال تأليف الكتب أو الرد على الشبهات والبهتان، وإنما بالجماعات التي توحدها هموم هذه الأمة من خلال المؤسسات والمعاهد البحثية التي تتكامل بداخلها الجهود والاجتهادات، حتى تكون للمثقفين والمفكرين القدرة على مواجهة مشاغل العصر واستشراف آفاق المجتمع والتحديات.كما أن لقيام هذه المعاهد والمؤسسات بتجميع جهود المهتمين دورا في إحداث كتلة ثقافية قوية تستطيع من خلالها ثقافة الغد أن تحقق اختراقها للمؤسسات السياسية، التي إن لم يتم جذبها والتأثير فيها، ستظل من أهم معوقات النهوض الحضاري لهذه الأمة؛ إذ تحتاج الثقافة العالمة المبدعة لشرط الحرية، لكي تنمو وتترعرع وتثمر، بل وتقاوم، لأنها مجندة بخلفية سياسية تستطيع من خلالها الوقوف في وجه المد الإمبريالي الخارجي.
إن المراقب والمتتبع لمسار وواقع الثقافة الإسلامية في المرحلة الراهنة بالذات، سيلاحظ، بلاشك أن نقصا كبيرا في الدراسات المستقبلية التي تكون في حجم التحديات والآمال معا؛ تحديات الحاضر الذي يتحرك بسرعة نحو المستقبل بفضل الثورة المعلوماتية، وآمال الخروج من بوثقة ما نحن فيه من متاعب وإخفاقات، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن من عادة الغرب أن يقدم رؤيته لكل ما هو حادث على ساحة العلاقات الدولية، بل ويعمل جاهدا على رسم الخريطة الشمولية لمستقبل هذه العلاقات بما يخدم مصالحه ووجوده وهويته. وبذلك نكون أمام نظام له الإرادة القوية والاستعداد المستمر للحفاظ على كيانه ومجاله الحيوي مهما كلفه ذلك من ثمن وتضحيات.
ولعل السؤال الذي تفرزه المتابعة لهذا الواقع، المحلي والدولي، هو : ما موقع الثقافة الاسلامية في خريطة الثقافة الكونية؟ وماذا يمكن لهذه الثقافة أن تقدم لأبناء الأمة، وهم يعيشون على وثيرة الرغبة في مواكبة العصر بكل مستجدا ته المادية والمعنوية من جهة، والخوف من النظام الذي يحكم هذا العصر من جهة أخرى، خاصة والذاكرة لازالت مثقلة بذكريات الاستعمار والاستيطان والاستغلال الذي تعرضت له الدول الإسلا مية، بهذا الشكل او ذاك، بل ولا تزال بعض الدول تعاني من ثورة المعلوميات وتحديات العولمة؟ وهل سنكتفي فقط بترديد شعار (المستقبل للإسلام) وأن الحضارة الغربية المصنوعة من الفكرة المادية ستزول في يوم من الأيام؟ أم أننا سنظل نحلم بالمستقبل دون أن نؤسس لقواعده الصلبة؛ سياسيا واقتصاديا وتربويا وتعلميا وثقافيا، بل وإيديولوجيا كذلك؟
إن السؤال الذي ينبغي التفكير فيه بكل مسؤولية وحزم هو ذاك المتعلق بالكيفية التي ستستفيد بها الثقافة الاسلامية من هذه الثورة العارمة للمعلوميات, كما من الثروة الطبيعية والبشرية لبناء مستقبل الأمة بالشكل المطلوب شرعا وتاريخا؛ ذلك أن سؤال الممانعة الثقافية لا نكتفي في تحديد حدوده برصد آليات المقاومة وتحصين الذات فقط، وإنما لا بد من تحديد الأولويات الضرورية لبناء ثقافة الإبداع والشراكة الحضارية؛ وهو ما يعني أن الزمن الحالي يحتم علينا أن نستغله للاشتغال بالقضايا الكبرى للأمة، قضايا الحرية والاستقلال والعدل والبناء الاقتصادي والاجتماعي التربوي؛ وهو ما يدعونا إلى إغلاق الكثير من الملفات التي لم تزد الطين إ لا بلة بفعل الصراعات الهامشية بين الدول المشكلة لخريطة العالم الاسلامي، ومن ثم الإسراع إلى وقف مسلسل الانقسامات التي لم يستفد منها إلا الغرب الليبرالي، هذا الأخير الذي لا بد من تحديد الموقف منه بكل صراحة وصرامة، خاصة فيما يتعلق بملف التطبيع مع السياسة الجديدة للنظام العالمي الجديد.
إن الذي ينبغي أن نضعه في الحسبان أننا أمة لها أصول وجذور وتاريخ وهوية, وأننا ينبغي الانطلاق من هذه الأصول في تحديد الكثير من خياراتنا وقراراتنا السياسية والإيديولوجية لا من خلال أصول الدول الغربية.
فبداخل القران الكريم والسنة النبوية الشريفة العديد من التوجيهات والتنبيهات القيمة التي بتخلينا عنها تخلى الله عنا مصداقا لقوله جل جلاله {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، أولئك هم الفاسقون}( الحشر: 19)، وقوله جل جلاله كذلك {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء، تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق}(الممتحنة: 1) وقوله كذلك : {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير}(البقرة:120).
في حاجتنا إلى وحدة مثقفينا واجتماعهم على كلمة سواء
لقد استطاعت السياسة الاستعمارية منذ زمن خروج جيوشها العسكرية والإدارية من البلدان العربية، إحداث إدارات محلية موالية لها ولسياساتها، خاوية الوفاض من القيم الدينية والعقدية، وبعيدة كل البعد عن الخطاب القرآني والشريعة الإسلامية، حتى يتم تغييب هذا الخطاب بداخل كل مشاريع التسيير السياسي والاقتصادي والتربوي والثقافي، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى تطبيع العلاقات مع أعداء الأمة، الذين لا تزال الثقافة الصليبية تحركهم بشكل لا تغمض لهم معه الجفون، ولا يتعبون من تسخير كل الطاقات المادية والمعنوية للنيل من هذه الأمة وإخضاعها وإذلالها ولو بافراد من أبنائها. إنها مأساة الثقافة الإسلامية في زمن الاستتباع الحضاري الشامل، التي لن تخرج من حالها الراهن ما لم تراهن على المستقبل، بالتخطيط له وإعداد القنوات المفضية إليه, وإلا ظل وضع الأمة، شعوبا وثقافة، كما هو عليه إلى إشعار آخر.
لابد من التأكيد هنا على دور الثقافة والمثقفين في الحياة العامة للأمة، إذ هم ضميرها الحي، الحاملون لتطلعاتها، والمنشغلون بهمومها الداخلية والخارجية؛ وبذلك يقع عليهم عبء الدفاع عن واقع الأمة وخصوصيتها وهويتها، والوقوف في وجه كل ما من شأنه تقويض دعائمها الحضارية، بدءاً بتشخيص الأخطار التي لا تخفى على أحد من المتتبعين للشؤون العامة، والتي أدت إلى حالة من التدهور والتراجعات. وعليه تكون الخطوة الأولى في بناء هذه الثقافة البانية المتحدية للأخطار والاختراقات، العمل على توحيد صفوف المثقفين، بالاتفاق، على الأقل، على القوا سم المشتركة التي بها تتصدى للمعوقات التي تحول دون قيام وتحقيق المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن من أهم ما ينبغي أن يعمل مثقفونا على تحقيقه، كمقدمة لإنجاح المشروع الحضاري، بناء الانسان المتكامل الذي يستطيع تحمل ثقل المشروع وصعوباته من أجل بناء (دولة الانسان) في نهاية المطاف، وإلا ستظل المشاريع النهضية مجرد ردود أفعال تطفو على السطح كلما تزعزع كيان الأمة من جراء التحولات التي تطرأ على المنظومة العالمية. إنه البناء، الذي يستطيع من خلاله الانسان التمييز بين الثقافة الاستهلاكية والثقافةا لإبداعية، مهما كانت الحالة الحضارية لبلاده.
في ضرورة فقه التنزيل في حياة المثقف الرسالي
وتجدر الإشارة هنا، ونحن نتحدث عن دور المثقف الإسلامي في صياغة الثقافة المقاومة للاختراق، والمبدعة لشروط العالمية، إلى أن من أهم الإشكالات التي ينبغي تصفية الحساب معها بشكل جذري، والتي تحول دون ممارسته للدور المنوط به, محليا وعالميا، أشكال النخبوية التي تتسبب في كثير من الأحيان في تزكية القطيعة بين المثقف والناس الذين يفترض في الأول أن يكون لسان حالهم. فلا بد للثقافة من الوصول إلى حياة الناس العاديين للتعبير عنها بالشكل الذي يحقق التواصل المطلوب بين القمة والقاعدة على المستوى الثقافي، وإلا فإن الخطاب الثقافي سيواجه مشكلة إيجاد الكتلة الشعبية التي ستسانده في تحقيق حضوره على الساحة الثقافية السياسية والتربوية.
يضاف إلى ما سبق أن من أهم العناصر الغائبة في هذه الثقافة، عنصر التكامل ما بين (فقه الواقع) و(فقه التنزيل). فلا يكفي أن يحمل المثقف المسلم مشروعا حضاريا تغييريا يستقي محاوره الكبرى من الأصول القرآنية والحديثية فقط, بل يحتاج إلى منهجية تنزيله على واقع الناس كذلك, وهذا هو الأساس الذي ينبغي التفكير فيه بكل جدية ومسؤولية، وهو ما يتطلب من العاملين في حقل الثقافة الإسلامية التي تنشد التغيير, العمل على امتلاك (فقه الأولويات) و(فقه الموازنة)، وما يدخل تحتهما من أفقاه لا نستطيع الاستغناء عنها في كل مرحلة من مراحل الهدم والبناء الثقافي. ولهذا نقول : إن المطلوب من مثقفينا، في المرحلة الراهنة، عدم الاكتفاء بالتشبت بالأصول والاقتصار على الأصالة لحماية الذات من هول الفاجعة التي تحل بالثقافات والأمم المستضعفة بفعل العولمة ولكن لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن مواجهة هذه الأخيرة،واستشراف المستقبل، يقتضي منا التشبت بعصرنا كذلك، وعدم التفريط في وجودنا ، بالتماس كل ما من شأنه الإسهام في فتح عيوننا على منجزاته وتحدياته.
إننا في الختام, وإن كنا نؤكد على تجدد الوعي الاسلامي في المرحلة الراهنة، وهو ما يشهد له مد الصحوة الإسلامية المباركة، نعود لنؤكد مرة أخرى أ ن المطلوب من هذا الوعي أن يكون في مستوى التحديات بدخوله المعترك الحضاري، إبداعا وإنتاجا، وأن يعمل مثقفونا على إعادة توحيد الصف الثقافي، لأنه الكفيل بتعزيز دور الثقافة الإسلامية في عملية التغيير.
حبايبنا :: histoir :: article :: مقالات فكرية وادبية وفلسفية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى