تاريخ الجزيرة العربية
حبايبنا :: histoir :: تاريخ المسلمين
صفحة 1 من اصل 1
تاريخ الجزيرة العربية
تاريخ الجزيرة العربية
تدل الدراسات الجيولوجية الحديثة على أن جزيرة العرب كانت قبل حقب زمنية واحة خضراء تجري فيها الأنهار وتعج بمظاهر الحياة المتنوعة, وذلك قبل أن تغلب عليها البيئة الصحراوية, الأمر الذي جعل اختيارها مكانا مناسبا لحياة الإنسان منذ أقدم العصور.
وتعود أقدم الحضارات المكتشفة في ارض الجزيرة العربية إلى حضارتي العبيد ودلمون اللتين ازدهرتا في منطقة الإحساء والخليج العربي, حيث اكتشفت أقدم آثار الحضارة الإنسانية في الجزيرة العربية حتى الآن.
ويرى كثير من علماء الآثار أن القبائل العربية نزحت في هجرات متوالية قبل أكثر من أربعين قرنا قبل الميلاد إلى العراق, وأسست الحضارة الكلدانية التي طغت على الحضارة السومرية, واستمرت لعشرة قرون من الزمن. تم تلتها الحضارة الأمورية, والآرامية, ثم الآشورية التي ازدهر تاريخها السياسي قبل حوالي 2000 ق.م, وامتد نفوذها ليشمل منطقة بحر قزوين, وفارس, ومصر. وفي نفس الفترة نزحت موجات أخرى من القبائل العربية إلى بادية الشام, ومن ثم إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط, حيث تأسست الحضارة الكنعانية, ثم خلفتها الحضارة الفينيقية التي اشتهرت بنشاطها البحري والتجاري, وسيطرت على معظم جزر البحر المتوسط.
ويرى بعض العلماء أن موجات أخرى من القبائل العربية هاجرت عبر جزيرة سيناء, أو عن طريق البحر, واستوطنت حوض النيل, وغلبت على السكان بما لديها من حضارة ومعرفة. وتدل الآثار المكتشفة في هضبة الحبشة على هجرات عربية أخرى نزحت من جنوب الجزيرة العربية.
وسادت حضارات عربية ازدهرت في الجزيرة ثم بادت, ومنها قوم عاد الذين سكنوا الجزيرة العربية, وبلغوا حدا عظيما من القوة والسلطان, وأرسل الله إليهم نبيه هود عليه السلام. كما ازدهرت الدولة المعينية, ثم دولة سبأ في جنوب الجزيرة العربية, في حين بلغت قبيلة ثمود حدا عظيما من المدنية والازدهار في شمال الجزيرة العربية, وكان نبيهم صالح عليه السلام. وكذلك ازدهرت حضارة مدين وكان لهم شأن كبير في السيطرة على طرق التجارة, و قد أرسل الله إليهم نبيه شعيب عليه السلام. غير أن هذه الأقوام والحضارات كفرت بأنعم الله وعصت رسله فأخذها الله أخذا شديدا, أذل دولها, وأباد حضارتها, فدخلت جزيرة العرب في دور من الانحطاط والضعف.
وإذا كان تاريخ الجزيرة العربية بهذا الثراء الحضاري الذي ساد حتى المناطق المجاورة للجزيرة العربية, فإن العصر الذهبي للحضارة العربية ابتدأ مع ظهور الإسلام, فقد اصطفى الله ارض جزيرة العرب مكانا لبيته العتيق, واصطفى أهلها حملة لرسالته الخاتمة, قال تعالى يذكر العرب بفضله عليهم "لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون" سورة الأنبياء (الآية 10).
في جزيرة العرب بعث الله آخر أنبيائه وخاتم رسله وخير خلقه محمداً صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً إلى الناس كافة بدين الإسلام, متمما للرسالات السماوية السابقة, ومهيمنا عليها. وبعد كفاح مرير قارب ربع قرن أسلم أهل جزيرة العرب, ثم ساحوا في الأرض شرقا وغربا يبلغون كلمة الله للإنسانية ليخرجوا الناس من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم, ويؤسسون حضارة انتشرت في وقت قياسي, فلم يمض قرن من الزمن حتى وصلت هذه الحضارة إلى حدود فرنسا غرباً, وبلاد النوبة جنوباً, والى حدود الصين شرقاً.
وعلى الرغم من التميز المدني والعلمي, والإبداع الفني الذي امتازت به الحضارة الإسلامية إلا أنها تفردت وتميزت عن كل الحضارات السابقة من فرعونية, ورومانية, وفارسية, وهندية, ويونانية بعدد من الخصائص التي جعلتها في المرتبة الأولى بين الحضارات.
لم تقم الحضارة الإسلامية على أساس من التميز الشعوبي للعرب وتسلطهم على بقية الأمم, بل قامت على الأخوة الإسلامية, والتفاضل بالتقوى, الأمر الذي هيأ بيئة مناسبة لتنوع الإبداع لدى مختلف الشعوب الإسلامية.
وكان الإسلام بسمو معانيه وسلامة فطرته وشموليته يجتذب الناس والشعوب ويصبغهم بهويته, حتى أولئك الذي قاموا بحرب بلاده وتدمير مدنه كالمغول دخلوا فيه أفواجاً, وكان لهم دور في نقل الحضارة الإسلامية إلى مرحلة جديدة.
قدمت الحضارة الإسلامية نموذجاً شاملاً متوازناً للحياة, فسمت بالغرائز والشهوات, ووازنت بين حاجات الجسد والروح, ووثقت عرى التواصل بين أفراد المجتمع حكاما ومحكومين, أغنياء وفقراء.
بلغت الحضارة الإسلامية حداً من السمو جعل الأعداء يتأثرون بها كما حدث في الحملات الصليبية إذ كانت أحد الأسباب في ازدهار الحضارة الأوروبية وخروجها من عصور الظلام. كما امتازت الحضارة الإسلامية بوفرة النماذج المثالية في شتى المجالات, فلا يكاد يحصى عدد المبدعين من العلماء والعباد, والحكام, والمفكرين, والأدباء المصلحين.
وعبر أدوار الحضارة الإسلامية, تنقلت مراكز الإشعاع الحضاري بين أقاليمها من جزيرة العرب إلى الشام, والعراق, ومصر, والأندلس, وتركيا في حين انزوت الجزيرة العربية – خصوصاً أقاليمها الوسطى - إلى الظل, وفقدت مكانتها السياسية فسادت حياة البداوة, وقلت المراكز الحضرية, و انتشرت فيها كغيرها من كثير من بلاد الإسلام الجهل والبدع والخرافات.
الدعوة الإصلاحية والدولة السعودية الأولى
قيض الله لهذه البلاد دعوة إصلاحية, حمل مشعلها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ووجد العون والنصرة من الإمام محمد بن سعود رحمه الله. وكان ميثاق الدرعية الذي عقداه عام 1157هـ فاتحة تحولات فكرية, واجتماعية, وسياسية, تمخضت عنها دولة مترامية الأطراف.
الملك عبد العزيز رحمه الله وتكوين المملكة العربية السعودية
تعرضت هذه الدولة لعدد من الحملات العسكرية التي استهدفت كيانها السياسي, ودعوتها الإصلاحية, إلا أن جذوتها ظلت متوقدة في النفوس, حتى كان الخامس من شوال لعام 1319هـ (16 يناير 1902م) عندما استطاع الملك عبد العزيز في ثلة من أنصاره أن يقتحم حصن المصمك قلعة الرياض الحصينة ليفتح صفحة جديدة في تاريخ الجزيرة العربية. وأنطلق الملك المؤسس وأنصاره لإعادة بناء وتوحيد الدولة السعودية، فخضعت القصيم وحائل لسلطته، ثم ما لبث أسد الجزيرة أن ضم الحجاز عندما دخل جيشه المظفر مكة المكرمة ملبين محرمين بالعمرة عام 1343هـ (1925م), و تلي ذلك دخول المدينة المنورة طواعية في سلطان عبد العزيز عام 1344هـ (1926م), ثم لحقتها مدينة جدة. وبعدئذ استطاع عبد العزيز أن يضم ما تبقى من تهامة عسير ومنطقة جازان.
واكتملت حملات توحيد البلاد ولله الحمد والمنة بقرار الملك عبد العزيز تسمية الدولة المملكة العربية السعودية في 17 جماد الأولى من عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م بعد كفاح دام نصف قرن فنعمت البلاد بالدين القويم أولا وبأمن واستقرار وازدهار مدني وحضري لم تعهده من قبل. وتبوأت مكانة مرموقة في المحافل الدولية واستقطبت أنظار العالم لجزيرة العرب من جديد.
لقد كانت جزيرة العرب جذوة الإشعاع التي أضاءت الحضارة الإنسانية, وستظل برسالة الإسلام الخالدة, وأراضيها المقدسة, وعراقتها الأصيلة منارة للبشرية عبر الزمن.
لم تشغل حملات توحيد البلاد عبد العزيز عن الاهتمام بشؤون الحكم الأخرى, فاهتم بنشر العلم الشرعي وإشاعة التعليم العام فأمر بإنشاء إدارة المعارف عام 1344هـ (1926م). و في عام 1352هـ (1933م) منح الملك عبد العزيز حق التنقيب عن النفط لشركة أرامكو, وأصبح للمملكة مجلس للوزراء عام 1353هـ (1934م) بعد أن صدر الأمر السامي بتوسيع مسؤليات ومهام مجلس الوكلاء الذي كان قد أمر بتأسيسه عام 1350هـ (1931م). وأنشئت وزارة الدفاع بموجب قرار ملكي صدر عام 1363هـ (1944م), وانضمت المملكة إلى الأمم المتحدة عام 1364هـ (1945م) لتصبح العضو الخامس والأربعين في المنظمة الدولية, وصدر قرارا بتأسيس النقد العربي السعودي عام 1371هـ (1951م). و صدرت عددا من الأنظمة الإدارية مثل نظام البرق, ونظام جوازات السفر, ونظام الطرق والمباني, ونظام التقاعد, ونظام الغرفة التجارية, ونظام العمل والعمال, وغيرها.
وفي الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ (9نوفمبر 1953م) توفي الملك عبدالعزيز رحمه الله مخلفا سجلا حافلا بالكفاح والعمل الدؤوب المتواصل خلال ما يزيد على نصف قرن من الزمن ليحمل الأمانة من بعده أبناؤه الأوفياء.
الملك سعود رحمه الله تعالى (الراية ...إلى أكبر الأنجال)
نصب ولي العهد الأمير سعود بن عبد العزيز مليكاً للبلاد, وتميز عهده بالاهتمام الموجه إلى نشر التعليم على مختلف المستويات, وإنشاء المدارس والمعاهد, فافتتحت أول جامعة في شبه الجزيرة العربية هي جامعة الملك سعود في الرياض عام 1377هـ (1957م), ثم أنشئ معهد الإدارة العامة للتنظيم الإداري عام 1380هـ (1960م), ومعاهد المعلمين الثانوية عام 1381هـ (1961م), وأنشئت كذلك في العام نفسه الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
كما صدر في عهد الملك سعود رحمه الله كثير من الأنظمة التي تعنى بمختلف شؤون الدولة, وساهمت المملكة في منظمة المؤتمر الإسلامي, وافتتح الملك سعود رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة.
الملك فيصل رحمه الله تعالى (التضامن الإسلامي والمكانة الدولية المرموقة)
تمت مبايعة الأمير فيصل بن عبد العزيز مليكا للبلاد في 27 جمادى الآخرة عام 1384هـ (1964م), وفي عهده تواصلت الانطلاقة التطويرية, فرصفت شبكات الطرق الرئيسية لتربط أقاليم المملكة ومدنها, وشيدت أول محطة لتحلية المياه المالحة, وبدأ البث التلفزيوني, وتقدم القطاع الصناعي فأنشئ مصنع الأسمدة, ومصنع إنتاج الكبريت الخام, ومصنع الحديد والصلب, وتوسع إنشاء مصافي البترول لتلبية الاحتياجات المتزايدة. كما اكتملت في عهد الملك فيصل التوسعة السعودية الأولى للحرمين الشريفين.
ومن الإنجازات العظيمة الأخرى خلال فترة حكم الملك فيصل, تأسيس جامعة الملك عبد العزيز في جدة بعد أن كانت جامعة أهلية, وكلية البترول والمعادن في الظهران, وكلية الملك فيصل الجوية, بالإضافة إلى بناء ميناء جدة الإسلامي.
وتمكن الملك فيصل, عبر كفاح سياسي وسلسلة طويلة من الرحلات, من طرح صيغة للتضامن الإسلامي كوسيلة لتوحيد كلمة المسلمين, فعقد أول مؤتمر قمة إسلامي شامل في التاريخ الحديث عام 1389هـ (1969م) وانبثقت عنه منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم ستا وأربعين دولة إسلامية وتتخذ من جدة مقراً لها.
الملك خالد رحمه الله تعالى (نهضة شاملة ورخاء عام)
تولى الملك خالد بن عبد العزيز زمام الحكم في 13 ربيع الأول عام 1395هـ (1974م), وتميز عهده رحمه الله بازدياد موارد البلاد المالية, فشهدت البلاد تطوراً ملموساً في معظم مجالات الحياة, حيث ساهم صندوق التنمية العقاري في دعم مسيرة العمران في المملكة, وتضاعفت المساحات العمرانية في المدن السعودية عدة مرات, واستكملت البنية التحتية من شبكات الطرق الفرعية, وخدمات الاتصالات. كما ازداد عدد المصانع الثقيلة والخفيفة, وتوجت تلك النهضة الصناعية بتأسيس الهيئة الملكية لمدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين.
وشهد عهد الملك خالد انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي الثالث في مكة المكرمة والطائف عام 1401هـ (1980م) وصدر عنه (بلاغ مكة المكرمة ) الذي يعتبر بمثابة مخطط تنفيذي دائم لأهداف التضامن الإسلامي.
خادم الحرمين الشريفين الملك فهد (العهد الزاهر وخدمة الحرمين الشريفين)
ولد خادم الحرمين الشريفين في مدينة الرياض عام 1343هـ (1925م), وكانت أولى مهامه الرسمية المشاركة في وفد المملكة العربية السعودية إلى الأمم المتحدة عام 1365هـ (1946م).
وفي عام 1373هـ (1953م) صدر مرسوم ملكي بإنشاء وزارة المعارف, وعين الأمير فهد وزيراً للمعارف, ثم وزيراً للداخلية عام 1382هـ (1962م), كما ترأس عددا من وفود المملكة الرسمية إلى الدول والمؤتمرات العامة.
ولما كان الأمير فهد قد حظي بشرف ولاية العهد ومنصب نائب رئيس مجلس الوزراء في العام 1395هـ (1974م), فقد تمت مبايعته ملكاً للبلاد إثر وفاة الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله عام 1402هـ (1981م).
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين, مرت المملكة ولا تزال تمر بمراحل عظيمة من الازدهار والرقي المطردين. وفي مقدمة إنجازات الملك فهد التوسعة السعودية الثانية للحرمين الشريفين التي أسفرت عن تضاعف مساحتيهما عدة مرات وتجهيزهما بأحدث المرافق والخدمات, بالإضافة إلى إنشاء شبكة من الأنفاق والطرق السريعة في الأماكن المقدسة لخدمة ضيوف الرحمن. كما تم تأسيس مصنع الكسوة ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
ونفذت في هذا العهد الزاهر مشاريع البنية الأساسية العملاقة التي بلغت ذروتها في تطوير القرى والمدن السعودية من خلال مخططات شاملة, وأنشئت شبكات الطرق والجسور الحديثة, وتوسعت محطات تحلية المياه وتعددت, وتوفرت القروض الشخصية لدعم النهضة الزراعية, حتى اكتفت المملكة غذائياً وصدر فائض إنتاجها المحلي.
كما استمر تأسيس المدارس والمعاهد والمدن الجامعية بمعدلات متزايدة, الى غير ذلك من الإنجازات الضخمة التي من شأنها تمهيد الطريق للمملكة العربية السعودية لمواجهة القرن الثاني من عمرها المديد بثقة وإيمان راسخين.
حجر أثري
تدل الدراسات الجيولوجية الحديثة على أن جزيرة العرب كانت قبل حقب زمنية واحة خضراء تجري فيها الأنهار وتعج بمظاهر الحياة المتنوعة, وذلك قبل أن تغلب عليها البيئة الصحراوية, الأمر الذي جعل اختيارها مكانا مناسبا لحياة الإنسان منذ أقدم العصور.
وتعود أقدم الحضارات المكتشفة في ارض الجزيرة العربية إلى حضارتي العبيد ودلمون اللتين ازدهرتا في منطقة الإحساء والخليج العربي, حيث اكتشفت أقدم آثار الحضارة الإنسانية في الجزيرة العربية حتى الآن.
ويرى كثير من علماء الآثار أن القبائل العربية نزحت في هجرات متوالية قبل أكثر من أربعين قرنا قبل الميلاد إلى العراق, وأسست الحضارة الكلدانية التي طغت على الحضارة السومرية, واستمرت لعشرة قرون من الزمن. تم تلتها الحضارة الأمورية, والآرامية, ثم الآشورية التي ازدهر تاريخها السياسي قبل حوالي 2000 ق.م, وامتد نفوذها ليشمل منطقة بحر قزوين, وفارس, ومصر. وفي نفس الفترة نزحت موجات أخرى من القبائل العربية إلى بادية الشام, ومن ثم إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط, حيث تأسست الحضارة الكنعانية, ثم خلفتها الحضارة الفينيقية التي اشتهرت بنشاطها البحري والتجاري, وسيطرت على معظم جزر البحر المتوسط.
ويرى بعض العلماء أن موجات أخرى من القبائل العربية هاجرت عبر جزيرة سيناء, أو عن طريق البحر, واستوطنت حوض النيل, وغلبت على السكان بما لديها من حضارة ومعرفة. وتدل الآثار المكتشفة في هضبة الحبشة على هجرات عربية أخرى نزحت من جنوب الجزيرة العربية.
وسادت حضارات عربية ازدهرت في الجزيرة ثم بادت, ومنها قوم عاد الذين سكنوا الجزيرة العربية, وبلغوا حدا عظيما من القوة والسلطان, وأرسل الله إليهم نبيه هود عليه السلام. كما ازدهرت الدولة المعينية, ثم دولة سبأ في جنوب الجزيرة العربية, في حين بلغت قبيلة ثمود حدا عظيما من المدنية والازدهار في شمال الجزيرة العربية, وكان نبيهم صالح عليه السلام. وكذلك ازدهرت حضارة مدين وكان لهم شأن كبير في السيطرة على طرق التجارة, و قد أرسل الله إليهم نبيه شعيب عليه السلام. غير أن هذه الأقوام والحضارات كفرت بأنعم الله وعصت رسله فأخذها الله أخذا شديدا, أذل دولها, وأباد حضارتها, فدخلت جزيرة العرب في دور من الانحطاط والضعف.
وإذا كان تاريخ الجزيرة العربية بهذا الثراء الحضاري الذي ساد حتى المناطق المجاورة للجزيرة العربية, فإن العصر الذهبي للحضارة العربية ابتدأ مع ظهور الإسلام, فقد اصطفى الله ارض جزيرة العرب مكانا لبيته العتيق, واصطفى أهلها حملة لرسالته الخاتمة, قال تعالى يذكر العرب بفضله عليهم "لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون" سورة الأنبياء (الآية 10).
في جزيرة العرب بعث الله آخر أنبيائه وخاتم رسله وخير خلقه محمداً صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً إلى الناس كافة بدين الإسلام, متمما للرسالات السماوية السابقة, ومهيمنا عليها. وبعد كفاح مرير قارب ربع قرن أسلم أهل جزيرة العرب, ثم ساحوا في الأرض شرقا وغربا يبلغون كلمة الله للإنسانية ليخرجوا الناس من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم, ويؤسسون حضارة انتشرت في وقت قياسي, فلم يمض قرن من الزمن حتى وصلت هذه الحضارة إلى حدود فرنسا غرباً, وبلاد النوبة جنوباً, والى حدود الصين شرقاً.
وعلى الرغم من التميز المدني والعلمي, والإبداع الفني الذي امتازت به الحضارة الإسلامية إلا أنها تفردت وتميزت عن كل الحضارات السابقة من فرعونية, ورومانية, وفارسية, وهندية, ويونانية بعدد من الخصائص التي جعلتها في المرتبة الأولى بين الحضارات.
لم تقم الحضارة الإسلامية على أساس من التميز الشعوبي للعرب وتسلطهم على بقية الأمم, بل قامت على الأخوة الإسلامية, والتفاضل بالتقوى, الأمر الذي هيأ بيئة مناسبة لتنوع الإبداع لدى مختلف الشعوب الإسلامية.
وكان الإسلام بسمو معانيه وسلامة فطرته وشموليته يجتذب الناس والشعوب ويصبغهم بهويته, حتى أولئك الذي قاموا بحرب بلاده وتدمير مدنه كالمغول دخلوا فيه أفواجاً, وكان لهم دور في نقل الحضارة الإسلامية إلى مرحلة جديدة.
صورة قديمة لمدينة الرياض
قدمت الحضارة الإسلامية نموذجاً شاملاً متوازناً للحياة, فسمت بالغرائز والشهوات, ووازنت بين حاجات الجسد والروح, ووثقت عرى التواصل بين أفراد المجتمع حكاما ومحكومين, أغنياء وفقراء.
بلغت الحضارة الإسلامية حداً من السمو جعل الأعداء يتأثرون بها كما حدث في الحملات الصليبية إذ كانت أحد الأسباب في ازدهار الحضارة الأوروبية وخروجها من عصور الظلام. كما امتازت الحضارة الإسلامية بوفرة النماذج المثالية في شتى المجالات, فلا يكاد يحصى عدد المبدعين من العلماء والعباد, والحكام, والمفكرين, والأدباء المصلحين.
وعبر أدوار الحضارة الإسلامية, تنقلت مراكز الإشعاع الحضاري بين أقاليمها من جزيرة العرب إلى الشام, والعراق, ومصر, والأندلس, وتركيا في حين انزوت الجزيرة العربية – خصوصاً أقاليمها الوسطى - إلى الظل, وفقدت مكانتها السياسية فسادت حياة البداوة, وقلت المراكز الحضرية, و انتشرت فيها كغيرها من كثير من بلاد الإسلام الجهل والبدع والخرافات.
الدعوة الإصلاحية والدولة السعودية الأولى
قيض الله لهذه البلاد دعوة إصلاحية, حمل مشعلها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ووجد العون والنصرة من الإمام محمد بن سعود رحمه الله. وكان ميثاق الدرعية الذي عقداه عام 1157هـ فاتحة تحولات فكرية, واجتماعية, وسياسية, تمخضت عنها دولة مترامية الأطراف.
جيش الملك عبدالعزيز
جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله
المملكة العربية السعودية
الملك عبد العزيز رحمه الله وتكوين المملكة العربية السعودية
تعرضت هذه الدولة لعدد من الحملات العسكرية التي استهدفت كيانها السياسي, ودعوتها الإصلاحية, إلا أن جذوتها ظلت متوقدة في النفوس, حتى كان الخامس من شوال لعام 1319هـ (16 يناير 1902م) عندما استطاع الملك عبد العزيز في ثلة من أنصاره أن يقتحم حصن المصمك قلعة الرياض الحصينة ليفتح صفحة جديدة في تاريخ الجزيرة العربية. وأنطلق الملك المؤسس وأنصاره لإعادة بناء وتوحيد الدولة السعودية، فخضعت القصيم وحائل لسلطته، ثم ما لبث أسد الجزيرة أن ضم الحجاز عندما دخل جيشه المظفر مكة المكرمة ملبين محرمين بالعمرة عام 1343هـ (1925م), و تلي ذلك دخول المدينة المنورة طواعية في سلطان عبد العزيز عام 1344هـ (1926م), ثم لحقتها مدينة جدة. وبعدئذ استطاع عبد العزيز أن يضم ما تبقى من تهامة عسير ومنطقة جازان.
واكتملت حملات توحيد البلاد ولله الحمد والمنة بقرار الملك عبد العزيز تسمية الدولة المملكة العربية السعودية في 17 جماد الأولى من عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م بعد كفاح دام نصف قرن فنعمت البلاد بالدين القويم أولا وبأمن واستقرار وازدهار مدني وحضري لم تعهده من قبل. وتبوأت مكانة مرموقة في المحافل الدولية واستقطبت أنظار العالم لجزيرة العرب من جديد.
لقد كانت جزيرة العرب جذوة الإشعاع التي أضاءت الحضارة الإنسانية, وستظل برسالة الإسلام الخالدة, وأراضيها المقدسة, وعراقتها الأصيلة منارة للبشرية عبر الزمن.
لم تشغل حملات توحيد البلاد عبد العزيز عن الاهتمام بشؤون الحكم الأخرى, فاهتم بنشر العلم الشرعي وإشاعة التعليم العام فأمر بإنشاء إدارة المعارف عام 1344هـ (1926م). و في عام 1352هـ (1933م) منح الملك عبد العزيز حق التنقيب عن النفط لشركة أرامكو, وأصبح للمملكة مجلس للوزراء عام 1353هـ (1934م) بعد أن صدر الأمر السامي بتوسيع مسؤليات ومهام مجلس الوكلاء الذي كان قد أمر بتأسيسه عام 1350هـ (1931م). وأنشئت وزارة الدفاع بموجب قرار ملكي صدر عام 1363هـ (1944م), وانضمت المملكة إلى الأمم المتحدة عام 1364هـ (1945م) لتصبح العضو الخامس والأربعين في المنظمة الدولية, وصدر قرارا بتأسيس النقد العربي السعودي عام 1371هـ (1951م). و صدرت عددا من الأنظمة الإدارية مثل نظام البرق, ونظام جوازات السفر, ونظام الطرق والمباني, ونظام التقاعد, ونظام الغرفة التجارية, ونظام العمل والعمال, وغيرها.
وفي الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ (9نوفمبر 1953م) توفي الملك عبدالعزيز رحمه الله مخلفا سجلا حافلا بالكفاح والعمل الدؤوب المتواصل خلال ما يزيد على نصف قرن من الزمن ليحمل الأمانة من بعده أبناؤه الأوفياء.
جلالة الملك سعود رحمه الله
الملك سعود رحمه الله تعالى (الراية ...إلى أكبر الأنجال)
نصب ولي العهد الأمير سعود بن عبد العزيز مليكاً للبلاد, وتميز عهده بالاهتمام الموجه إلى نشر التعليم على مختلف المستويات, وإنشاء المدارس والمعاهد, فافتتحت أول جامعة في شبه الجزيرة العربية هي جامعة الملك سعود في الرياض عام 1377هـ (1957م), ثم أنشئ معهد الإدارة العامة للتنظيم الإداري عام 1380هـ (1960م), ومعاهد المعلمين الثانوية عام 1381هـ (1961م), وأنشئت كذلك في العام نفسه الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
كما صدر في عهد الملك سعود رحمه الله كثير من الأنظمة التي تعنى بمختلف شؤون الدولة, وساهمت المملكة في منظمة المؤتمر الإسلامي, وافتتح الملك سعود رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة.
جلالة الملك فيصل رحمه الله
الملك فيصل رحمه الله تعالى (التضامن الإسلامي والمكانة الدولية المرموقة)
تمت مبايعة الأمير فيصل بن عبد العزيز مليكا للبلاد في 27 جمادى الآخرة عام 1384هـ (1964م), وفي عهده تواصلت الانطلاقة التطويرية, فرصفت شبكات الطرق الرئيسية لتربط أقاليم المملكة ومدنها, وشيدت أول محطة لتحلية المياه المالحة, وبدأ البث التلفزيوني, وتقدم القطاع الصناعي فأنشئ مصنع الأسمدة, ومصنع إنتاج الكبريت الخام, ومصنع الحديد والصلب, وتوسع إنشاء مصافي البترول لتلبية الاحتياجات المتزايدة. كما اكتملت في عهد الملك فيصل التوسعة السعودية الأولى للحرمين الشريفين.
ومن الإنجازات العظيمة الأخرى خلال فترة حكم الملك فيصل, تأسيس جامعة الملك عبد العزيز في جدة بعد أن كانت جامعة أهلية, وكلية البترول والمعادن في الظهران, وكلية الملك فيصل الجوية, بالإضافة إلى بناء ميناء جدة الإسلامي.
وتمكن الملك فيصل, عبر كفاح سياسي وسلسلة طويلة من الرحلات, من طرح صيغة للتضامن الإسلامي كوسيلة لتوحيد كلمة المسلمين, فعقد أول مؤتمر قمة إسلامي شامل في التاريخ الحديث عام 1389هـ (1969م) وانبثقت عنه منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم ستا وأربعين دولة إسلامية وتتخذ من جدة مقراً لها.
جلالة الملك خـالد رحمه الله
الملك خالد رحمه الله تعالى (نهضة شاملة ورخاء عام)
تولى الملك خالد بن عبد العزيز زمام الحكم في 13 ربيع الأول عام 1395هـ (1974م), وتميز عهده رحمه الله بازدياد موارد البلاد المالية, فشهدت البلاد تطوراً ملموساً في معظم مجالات الحياة, حيث ساهم صندوق التنمية العقاري في دعم مسيرة العمران في المملكة, وتضاعفت المساحات العمرانية في المدن السعودية عدة مرات, واستكملت البنية التحتية من شبكات الطرق الفرعية, وخدمات الاتصالات. كما ازداد عدد المصانع الثقيلة والخفيفة, وتوجت تلك النهضة الصناعية بتأسيس الهيئة الملكية لمدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين.
وشهد عهد الملك خالد انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي الثالث في مكة المكرمة والطائف عام 1401هـ (1980م) وصدر عنه (بلاغ مكة المكرمة ) الذي يعتبر بمثابة مخطط تنفيذي دائم لأهداف التضامن الإسلامي.
خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله
خادم الحرمين الشريفين الملك فهد (العهد الزاهر وخدمة الحرمين الشريفين)
ولد خادم الحرمين الشريفين في مدينة الرياض عام 1343هـ (1925م), وكانت أولى مهامه الرسمية المشاركة في وفد المملكة العربية السعودية إلى الأمم المتحدة عام 1365هـ (1946م).
وفي عام 1373هـ (1953م) صدر مرسوم ملكي بإنشاء وزارة المعارف, وعين الأمير فهد وزيراً للمعارف, ثم وزيراً للداخلية عام 1382هـ (1962م), كما ترأس عددا من وفود المملكة الرسمية إلى الدول والمؤتمرات العامة.
ولما كان الأمير فهد قد حظي بشرف ولاية العهد ومنصب نائب رئيس مجلس الوزراء في العام 1395هـ (1974م), فقد تمت مبايعته ملكاً للبلاد إثر وفاة الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله عام 1402هـ (1981م).
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين, مرت المملكة ولا تزال تمر بمراحل عظيمة من الازدهار والرقي المطردين. وفي مقدمة إنجازات الملك فهد التوسعة السعودية الثانية للحرمين الشريفين التي أسفرت عن تضاعف مساحتيهما عدة مرات وتجهيزهما بأحدث المرافق والخدمات, بالإضافة إلى إنشاء شبكة من الأنفاق والطرق السريعة في الأماكن المقدسة لخدمة ضيوف الرحمن. كما تم تأسيس مصنع الكسوة ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
ونفذت في هذا العهد الزاهر مشاريع البنية الأساسية العملاقة التي بلغت ذروتها في تطوير القرى والمدن السعودية من خلال مخططات شاملة, وأنشئت شبكات الطرق والجسور الحديثة, وتوسعت محطات تحلية المياه وتعددت, وتوفرت القروض الشخصية لدعم النهضة الزراعية, حتى اكتفت المملكة غذائياً وصدر فائض إنتاجها المحلي.
كما استمر تأسيس المدارس والمعاهد والمدن الجامعية بمعدلات متزايدة, الى غير ذلك من الإنجازات الضخمة التي من شأنها تمهيد الطريق للمملكة العربية السعودية لمواجهة القرن الثاني من عمرها المديد بثقة وإيمان راسخين.
حبايبنا :: histoir :: تاريخ المسلمين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى